محليات

 

جمعية علماء الهند تعقد مؤتمر

"عظمة الصحابة وإصلاح المجتمع" بمدينة "ديوبند"

إعداد وتعريب:    ك. أ. المدراسي القاسمي

طالب بقسم الإفتاء بالجامعة

 

 

 

عقدت جمعيّة علماء الهند برئاسة رئيسها فضيلة الشيخ السيّد أرشد المدني أستاذ الحديث بالجامعة الإسلاميّة دارالعلوم ديوبند يوم الثلاثاء 9/جمادى الأولى 1435هـ = 11/مارس 2014م مؤتمر «عظمة الصحابة وإصلاح المجتمع» بخيمة كبيرة ضخمة بساحة فسيحة بحي «قاسم بورا» بمدينة «ديوبند».

     وقد حضر المؤتمر آلافٌ من أهالي مدينة «ديوبند» والقرى المجاورة لها التابعة لولاية «يوبي» ومئاتٌ من العلماء والقادة والزعماء والطلاب من داخل الهند وخارجها. من بينهم أصحاب الفضيلة الشيخ عبد العليم الفاروقي أمين عام الجمعية، والشيخ السيّد أشهد رشيدي رئيس الجامعـة الإسلاميـة القاسمية بمدينة «مراد آباد» بالهند، والشيخ غياث الدين الحيدر آبادي رئيس جمعية العلماء بولاية «آندهرا براديش» والشيخ خالد رئيس جمعية العلماء بولايات «هريانه»، و«بنجاب»، و«هماجل» والشيخ غفران الرئيس التنفيذيّ لجمعية العلماء بولاية «أريسا» والشيخ حبيب الله المدني والشيخ المقرئ إدريس من «لندن» والشيخ السيد أخلد رشيدي من المدينة المنوّرة. ومن بين أساتذة الجامعة أصحاب الفضيلة الشيخ عبد الحق الأعظمي، والشيخ قمر الدين الكوركهبوري، والشيخ المفتي حبيب الرحمن الخيرآبادي والشيخ حبيب الرحمن الأعظمي والشيخ المفتي يوسف التاولوي، والشيخ محمد أحمد والشيخ المفتي راشد الأعظمي والشيخ جميل أحمد السكروروي.

     استُهلّ المؤتمر في نحو الساعة الحادية عشرة من ضحى الثلاثاء بتلاوة آيٍ من القرآن الكريم سعد بها أحد أساتذة التجويد والقراءات بالجامعة المقرئ محمد آفتاب عالم القاسمي ورأس الاحتفالَ رئيس الجمعية فضيلة الشيخ السيّد أرشد المدني بينما أداره أمين عامّ الجمعية الشيخ عبد العليم الفاروقي.

     وقد قال رئيس الجمعيّة فضيلة الشيخ السيّد أرشد المدني في خطابه الرئاسي وهو يلقي الضوء على ما يهدف إليه المؤتمر:

     «إنّ هذا المؤتمر لم يُعقد لإجراء النقاشات حول الموضوعات السياسية ولا لتبادل الآراء والأفكار في الانتخابات النيابيّة القادمة، وإنّما تمّ انعقادُ هذا المؤتمر لإلقاء الضوء على الأسباب الرئيسة التي سبَّبَتْ تخلّفَ المسلمين في كل مجال من مجالات الحياة اقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا في داخل البلاد خصيصًا وعلى مستوى العالم عمومًا، فالمؤتمر يهدف إلى تحقيق هذا الغرض السامي حتى نتوصّل إلى السبل التي يمكننا بها إزالةُ هذه الأسباب بسهولةٍ وإعادةُ الأمن والسلام إلى المجتمع.

     إنّ المسلمين في داخل البلاد خاصةً وفي العالم كله عامّةً يواجهون الآن مشاكلَ ومصاعبَ لم يسبق لها مثيل في وقت سابق. ويتعرّضون لأخطار رهيبة على أرواحهم وممتلكاتهم تحت خططٍ مدروسةٍ مدبّرة ، ولا ينتهي منها واحد إلاّ إلى ثانٍ أو ثالثٍ. فما هي الأسباب وراء ذلك؟ هي ترجع أصلاً إلى أنّنا اليوم نسينا اللهَ تعالى وما أمرنا به، وتركنا الاعتصامَ بحبل الله المتين الذي وُعد معتصموه بالنصر والرحمة في الدنيا والآخرة، كما أنّنا ابتعدنا كثيرًا عن التعليمات النبويّة المشرقة التي من شأنها أن تُنْجينا ممّا نحن فيه وتضمن لنا حياةً سعيدةً رغيدةً وقد عُدنا اليوم راغبين عن الحضارة الإسلاميّة متبنين لحضارات غير إسلاميّة لا تنسجم مع الإسلام ومفاهيمه وهي الحضارات الغربية المدمِّرة للمثل الإنسانيّة والمخرِّبة للقيم الخلقيّة.

     وقال فضيلته مُضيفًا: إنّ الهند منذ أن استقلّت من براثن الاستعمار الإنجليزي لا تزال تشهد اضطراباتٍ طائفيةً شديدةً ذهبت بأرواح وممتلكات مئاتٍ من المسلمين والمحاولات المكثَّفة لا تزال مبذولةً لوضع الحيلولة دونها ودون مكافحتها ودون استتباب الأمن والاستقرار في أرجاء البلاد كلّها. ومع ذلك كلّه لاتكاد الاضطرابات الطائفية تنتهي وإنّما هي تزداد مع الأيّام وما حَدَثَ مؤخّرًا في مدينتي «مظفّر نجار» و«شاملي» وقراهما ليس مخفيًّا على أحد ولا أرى إلى إعادة ذكرها من حاجةٍ. وكلّ ذلك أيّها الشعب المسلم! يرجع بالضرورة إلى تقصيرنا في القيام بأداء مسؤولية الدين وتنفيذه في الحياة الشخصيّة والاجتماعيّة كما ينبغي.

     وقد دعا فضيلته خلال خطابه إلى دراسة حياة الصحابة رضي الله عنهم دراسةً عميقةً، أولئك الذين أمَرَنا الله جلّ وعلا أن نؤمن إيمانَهم ونسير مسيرتَهم؛ لأنّهم هم نجوم الهداية فبأيّهم اقتدينا، اهتدينا وفي حياتهم لنا أسوةٌ حسنةٌ في الإيمان بالله ورسوله والحبّ لهما وإطاعتهما والعمل بمقتضيات الدين وصياغة الحياة في قالب إسلاميّ صحيح فينبغي أن تكون تعليماتهم أمام أعيننا في كل حين.

     وفي الوقت نفسه أكّد فضيلته على ضرورة إصلاح المجتمع والعودة به إلى الكتاب والسنّة وتجنيبه المعاصيَ والمنكرات فقال: وممّا يؤسف له جدًّا أنّه قد عَمَّ مجتمعَنا اليوم عديدٌ من المعاصي والرذائل التي لم تكن فينا في الماضي، أمثال شرب الخمر، وتناول المخدّرات، ومشاهدة الأفلام الماجنة المخرّبة للأخلاق على أجهزة التلفاز الموجودة في البيت، وعقوق الوالدين، والخيانة في أداء الأمانة، وما إلى ذلك، ممّا أبعَدَنا عن رحمة ربّنا ونصره لنا وحَطَّ من قيمتنا واعتبارنا في العالم كلّه. وعَرَّضَنا لمشاكل وأخطار لم تكن تُتَصوّر في السابق، فالحاجة ماسّة إلى إصلاح المجتمع والعودة به إلى دين الله الخالد الباقي من جديد، وعضّ تعليماته بالنواجذ وتنفيذه في جميع مجالات الحياة. الأمر الذي لايُتَصوّر بدونه أن يتمتع المرأُ بالحياة الطيّبة المسكونة بالأمن والسلام.

     واستطرد فضيلته قائلاً: إنّ جمعيّة علماء الهند هي منظّمة إسلامية خالصة تجنّد كل طاقاتها لصالح الإسلام والمسلمين ولاتمتّ بصلة إلى السياسة وهي أوّل منظّمة اضطلعت بأعباء إصلاح المجتمع في هذه الديار وقد كان رئيس جمعية علماء الهند السابق فضيلة الشيخ السيّد أسعد المدني رحمه الله تعالى قد ركّز اهتماماته كلّها على إقامة المؤتمرات والحفلات بهدف إصلاح المجتمع في مختلف أنحاء البلاد من حين الآخر. فانطلاقًا من ذلك تمّ انعقاد هذا المؤتمر اليوم.

     وفي الختام قَدَّمَ فضيلته إلى الحفل الحاشد شكرًا جميلاً أصالةً منه ونيابةً عن جميع أعضاء الجمعية على حضورهم المؤتمرَ بعدما تجشّموا مشاق الرحلة ممّا يعكس مدى ما يكنونه في قلوبهم من الحبّ العميق والتقدير البالغ والإعجاب الكبير تجاه الجمعية موجِّهًا إليهم نداءَ أن يُقيموا في قراهم لجان إصلاح المجتمع التي تجمع أشخاصًا ينهضون بأعباء مهمّة الإصلاح والتوعية في القرى كلّها.

     وبدعائه حفظه الله انتهى المؤتمر في نحو الساعة الواحدة والنصف ظهرًا.

 

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، جمادى الثانية - رجب 1435 هـ = أبريل - مايو 2014م ، العدد : 6-7 ، السنة : 38